نظرة معمقة على أداء البيتكوين والإيثيريوم في ظل التوترات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية
البيتكوين يتعرض لضغوط الحرب.. تراجع بنسبة 6% دون 99,000 دولار
شهدت أسواق العملات الرقمية يوم 23 يونيو حالة من التقلب الحاد، حيث تراجعت عملة البيتكوين بنسبة تجاوزت 6%، ما أدى إلى كسر الحاجز النفسي عند 99,000 دولار لفترة وجيزة. ويُعزى هذا التراجع إلى تصاعد المخاوف من اندلاع صراع مباشر بين إسرائيل وإيران، مما دفع المتداولين إلى تبني سلوكيات أكثر حذرًا وتجنب المخاطر العالية.
ورغم أن البيتكوين عاد إلى مستوى 102,000 دولار لاحقًا، إلا أن غياب أي ارتداد ثابت خلال أول 24 ساعة من الهبوط يُشير إلى أن السوق ما زال هشًا ويتطلب وقتًا لإعادة بناء الثقة، خاصة في ظل الظروف الجيوسياسية المتقلبة وضغوط الاقتصاد الكلي العالمية.
ما الذي يجعل البيتكوين ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات؟
طبيعة البيتكوين اللامركزية والطلب المؤسسي
رغم التقلبات، تبرز البيتكوين مجددًا كخيار جذاب للمستثمرين الباحثين عن حماية أموالهم من تقلبات الأسواق المالية التقليدية. السبب الرئيسي في ذلك هو طبيعة البيتكوين اللامركزية، التي تمنحها مناعة نسبية من تدخلات البنوك المركزية والحكومات.
وقد ضخ المستثمرون المؤسسيون أكثر من 46 مليار دولار في صناديق البيتكوين المتداولة (ETF) منذ بدايات 2024، ما يُعد مؤشرًا قويًا على ثقة المؤسسات المالية الكبيرة في العملة الرقمية كأداة للتحوط ضد تدهور قيمة العملات الورقية، لا سيما في ظل الارتفاع المتزايد للتضخم العالمي.
العرض المحدود وسلوك السوق
أحد العوامل الجوهرية التي تميز البيتكوين عن باقي الأصول هو العرض المحدود البالغ 21 مليون وحدة فقط. هذه الندرة تدفع بسعر البيتكوين إلى الارتفاع على المدى الطويل، لا سيما في ظل تزايد الطلب.
وفي المقابل، لا تزال شهية المستثمرين الأفراد محدودة، وهو ما يظهر من مؤشر "الخوف والطمع" الذي استقر عند مستوى 54، وهو رقم يعكس حالة حيادية في السوق، بلا اندفاع نحو الشراء أو الذعر من البيع.
توقعات أداء البيتكوين والإيثيريوم: إلى أين تتجه الأسعار؟
البيتكوين على المدى القصير والمتوسط
تُشير التحليلات الفنية والبيانات من السوق إلى أن البيتكوين قد يعاود الصعود التدريجي خلال الأسابيع القادمة، خاصة إذا خفت حدة التوترات الجيوسياسية. ومن المتوقع أن يتراوح سعر البيتكوين بين 110,000 و115,000 دولار بحلول الربع الثالث من عام 2025.
أما على المدى الطويل، ومع استمرار تدفقات رؤوس الأموال المؤسسية وزيادة الوعي العام بقيمة البيتكوين كأصل رقمي محمي، فإن هناك سيناريوهات متفائلة تتوقع بلوغ السعر مستويات تتراوح بين 130,000 و160,000 دولار قبل نهاية العام الجاري.
الإيثيريوم.. بين الترقب والتطور
من جانب آخر، تسير الإيثيريوم بخطى أبطأ لكن بثبات. رغم أن العملة واجهت مقاومة عند مستوى 2,600 دولار، إلا أن التوقعات تشير إلى إمكانية اختراق هذا الحاجز قريبًا لتتحرك بين 2,600 و2,800 دولار على المدى القصير.
وعلى المدى البعيد، ومع تطور شبكة الإيثيريوم والتحسينات المستمرة في قابلية التوسع والتطبيقات اللامركزية، قد تصل العملة إلى مستويات تتراوح بين 4,500 و5,500 دولار بحلول العام القادم.
ما الذي يجب على المستثمرين الانتباه إليه في المرحلة المقبلة؟
في ظل هذه الظروف المتقلبة، من المهم للمستثمرين تجنب الانجراف وراء المشاعر، سواء الخوف أو الطمع، والتركيز على البيانات الأساسية وحركة السوق الفعلية. التنويع بين الأصول، واستخدام المحافظ الباردة، والاعتماد على استراتيجيات دخول وخروج محسوبة، كلها عوامل أساسية لضمان البقاء في موقع آمن في هذا السوق شديد التقلب.
خاتمة
رغم الأزمات السياسية والتقلبات الاقتصادية، تواصل العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين والإيثيريوم، إثبات مكانتها كأدوات مالية ذات طابع استراتيجي في عالم الاستثمار الحديث. وبينما يبقى الطريق محفوفًا بالمخاطر، فإن الفرص لا تزال قائمة لمن يحسن قراءة حركة السوق ويستعد لها بعقلانية.
تعليقات
إرسال تعليق